الثلاثاء، 19 مارس 2019

مواقف على الطريق ..

مقدمة :
أمتلك صفة غريبة ألا وهي التأمل .. فأنا أتأمل كل شيء بنظرة مختلفة عن أي شخص آخر .. مثلا: يمر شخص على مبنى أنشئ للتو فيشاهده حاله حال كل مبنى آخر .. أما أنا فأنظر إليه ثم أنشغل بالتفكير في ذاك المبنى أتخيل كم من الأشخاص الذين عملو ليكتمل البنيان .. كم شخص ودع أهله وتغرب ليعمل ساعات طويلة منها المتعب ومنها الممتع حتى أصبح المبنى مكتمل .. لذا في السطور القادمة سأسرد المواقف بطريقة عادية وللقارئ حرية الإبحار في الخيال ليصل للمعنى ..








*إزدحام*

تخرج من بيتك صباحاً متوجهاً لمكان ما .. ترى السيارات حولك .. كل شخص متوجه لمكان معين .. ذاك إلى عمله وآخر لموعد في مستشفى .. شخص ذاهب للمطار وغيره عائد إلى منزله بعد يوم شاق .. أمل وخيبات .. طموح وإشتياق .. يالها من حياة مزدحمة ..



*روتين*

ادخل برادة ما أرى العامل شخص آسيوي جالس في مكانه المعتاد خلف الطاولة في الحقيقة هو أشبه بالآله وليس إنسان .. يفتح الدكان بعد شروق الشمس ويغلقه آخر الليل .. يمر عليه أصناف البشر طوال اليوم .. يحسن إليه شخص ويشتمونه عشرة على أشياء تافهه .. لا يوجد في قاموسه شيء أسمه إجازة فهو يعمل كل يوم حتى أيام الأعياد ..



*حزن*

بينما كنت أسير في أحد الليالي في مكان ما أستوقفني منظر شخص آسيوي يبكي بكاء لم يبكيه منذ أن ولد في حياته .. سألت عن حاله قالو إن والدته توفت للتو .. ذهبت إليه أحاول التخفيف عنه دون أن أمتلك كلمات تهون من حالته .. فمن وسط تلك الشهقات رفع رأسه وقال توفت والدتي للتو وأنا لم أراها منذ خمس سنوات .. ضاعت كل كلماتي وغرقت في صمتي ..



وآخر دخلت عليه وجدته غارق وسط الدموع قال توفي عمي .. فقال لي شخص ما أتعلم كم من الأفراد الذين رحلو عن هذا الشخص وهو في غربته ..



*تجاوز*

بينما كنت أقود سيارتي كنت خلف شخص يقود ببطء شديد .. بقيت خلفه لمدة طويلة .. حاولت التجاوز ولكن لم يكن بمقدوري التجاوز بسبب الإزدحام ..  ولكن بمجرد أن وجدت فراغ تجاوزته دون أي تفكير .. وتساءلت كم من المواقف في الحياة مررنا بنفس الموقف بطريقة مختلفة ؟



*مواعيد*

توجهت للمستشفى من اجل موعد ما .. المستشفى مكان ممتلئ بالحكايات والتنقاضات .. شخص يموت نفس وقت ولادة طفل آخر .. عمليات وإنعاش .. آلام وأمل .. شفاء وتدهور في الحالات .. طبيب ينقذ مريضاً ويفقد آخر .. فيلاحقه ذنب الذي مات وينسى فرحة الإنقاذ ..



*دار الرعاية*

مررت بجانب سور دار المسنين .. ذاك المكان الذي الذي يخفي داخله قصص كثيرة .. قصة أب كافح الحياة بأكملها ليربي طفله الوحيد فإنتهى به المطاف داخل ذاك الدار بسبب عقوق شخصاً نسي كل شيء جميل حصل عليه دون عناء .. أم أسبغت حنانها على عائلتها فكان جزائها منبوذة داخل تلك دار بعذر أن وجودك هناك أفضل من المنزل .. اعذار واهية وتبريرات سخيفة يلقي بها الظالم ليزيل عن نفسه شعور الظلم ..


*حادث*

بينما كنت أسير أقود أستوقفني موقف حادث بليغ بين عدد من السيارات .. كان الجمهور يحيط بالمكان .. ففكرت في الحوادث التي نمر بها والفضولين في الحياة .. كم من الأشخاص الذين شاهدو آخرين في موقف ضعف وأكملو نظراتهم دون إكتراث .. كم من الصدمات التي حصلت لنا مثل الخيبات والأشياء الغير متوقعة ..


*الليل*

بعدما غابت الشمس وأصبح الليل حالكا أضاءت أنوار الشوارع ولكن تلك الأنوار نورها لا يكفي إلا لإنارة المكان المحيط بها فقط .. فأصل الدنيا ظلام .. مثلا في الفضاء الخارجي الشمس تنير جزء من الكون أما بقية الكون ظلام دامس تخلله نجوم إضاءتها بسيطة وحتى تلك النجوم في الأصل ميتة منذ آلاف السنين ولكن يبقى نورها خافتاً .. ثم مع الوقت ينطفئ ذاك النور ..



*الأماكن العامة*

تذهب إلى أي مكان فتجد الناس على الأغلب متجمعين بالأسم فكل شخص ممسك بهاتفه  .. فالهواتف تقرب البعيد وتبعد القريب .. أما الجزء الآخر من الناس لهم حكايات مختلفة .. منهم زوجين جدد تفوح منهم رائحة الغرام والطاولة الآخرى أجتماع عمل جاد يدور به التخطيط والمناقشات .. وطاولة آخرى تدور بها نقاش عن مباريات الأمس .. وطاولة يتحلق حولها أصدقاء مجتمعين بعد غياب طويل يسترجعون ذكريات قديمة .. وطاولة آخرى مرتفع بها صوت الصراخ لمحاولة حل خلافات تافهة .. وطاولة أخيرة يجلس بها شخص وحيد منعزل عن الآخرين ..


*على شاطئ البحر*

أكره البحار رغم أنها تخفي داخلها وحولها الكثير .. البحر ملتقى العشاق وخيبة اللحظات وسعادة اللقاءات وإستعادة الذكريات ..


*سبحان مبدل الأحوال*

حين ترى تعاقب الليل والنهار تعلم أن الأشياء تتغير .. حين ترى تعاقب الفصول تمتلك اليقين الذي يخبرك بأن لا شيء يبقى حاله فمن حر شديد إلى برد يؤلم العظام .. اؤمن بأن الوقت يغير الكثير يغير الأشخاص ويغير الطموح ويغير الفرح و الحزن .. يغير كل شيء فلا يعود الشخص كما كان ..












أول السطر : كان يا مكان .. لم يعد شيء كما كان ..

آخر السطر : بعد أن أبصر الضرير كسر عصاه الذي كان يتكئ عليها سنين وسنين ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق