الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

الموت لا يؤلم سوى الاحياء ..

يموت الإنسان وتنتهي قصته .. لا نخاف على مصيره فنحن نحسبه عند الله من الصالحين .. فهو ذهب للغفور الرحيم ..


ولكن لا تنتهي قصته بالنسبه لمن حوله .. لا تصدق من يقول أن مع الوقت الناس ينسون .. فهم في الحقيقة لا ينسون ..

ففي كل ركن في البيت توجد ذكرى .. في كل زاوية يوجد حديث .. وفي كل مكان هناك موقف حدث ..


الموت مؤلم كثيرا .. فهو بالنسبة للأحياء شوق لناس لن يعودون ..


لازلت لا أعلم كيف يمتلك الشخص المقدرة على توصيل الشعور للشخص الآخر بأنه أكثر أشخص يحبه .. حتى وإن لم يقولها بصراحة .. فالتصرفات أحياناً تتحدث دون كلام ..





( مشهد في أحد المستشفيات )

مريض ملقى على السرير وتتصل الأنابيب بجسده لتعينه على الحياة .. ويحيط الناس به .. ربما أكثر شيء يؤلم ان التدهور حدث بسرعة كبيرة لم يتوقعها أحد .. فقبل مدة بسيطة كان يتحدث مع الناس ويمزح ويضحك .. نعود للمستشفى .. نظرات أمل مصحوبة برجاء .. قلق وتوجس .. الدعاء لايتوقف .. والوجوه خائفة .. كل الدلائل تشير بأن الوضع خطير ..


شخص يمشي ذهاباً وإيابا ولسانه لا يتوقف عن الدعاء .. شخص يصلي في الزاوية والكلمات لا يعلم من أين خرجت .. تسبيح وتهليل .. والحجرة يعمها السكون .. فالكل صامت ويرجو .. وملك الموت جالس بينهم وهم لا يعلمون ..

شخص صامت وعيناه لا تفارق الملقى وكأنه فقط يريد أن يشبع ناظريه منه ..



وفجأة يتعدل الحال وكل المؤشرات تشير للتحسن .. فيعم الإرتياح المكان .. وتنتشر السعادة في الغرفة وكل شخص في حاله .. شخص يكاد يطير من الفرح .. واخر يتخيل الوضع بعد أن يعود المريض لبيته .. وشخص يبشر الناس بأن الوضع ممتاز .. وشخص يحمد الله ويشكره على التحسن ..



وعلى حين غفلة يحصل أمر لم يتوقعه أكثر المتشائمين  .. ينهار كل شي .. ويتوقف ذاك القلب الطيب الذي لطالما نشر الحياة والسعادة على من حوله .. يركض الناس للمساعدة والإنعاش ولكن ساعة الرحيل قد حانت ..

صدمة .. حزن .. إنكسار .. وكل شخص صدمته بطريقته .. منهم من ينهار ومنهم من يتقبل بصبر ودموع .. ومنهم من يصمت وكأنه ليس موجود وهو من الداخل تحطم فيه كل شيء .. حينها تبقى تلك اللحظات التي مابين النظرة الأخيرة وبين اخذ الميت للمشرحه اقسى اللحظات .. وكيف لا وتلك اللحظات الاخيرة التي تكون فيها مع شخص تعلم بأنه غادرك دون رجعة ..







ينتهي كل شي .. وتعود للمنزل بقلب مكسور وجسد محطم .. تعود لأول مرة بمفردك .. يصبح كل شيء كئيباً .. وكأن المنزل بأكبره يبكي على صاحبه .. تجلس بمفردك ويمر عليك شريط الذكريات دون توقف .. الخلافات والضحكات والمواقف بأنواعها .. تبكي على موقف مضحك .. تضم الملابس فهي فيها من رائحة الحبيب والصديق .. يصبح في عينيك حزن لا يغيب .. وتعيش لوحدك مع ذكريات كثيرة ..








اول السطر : ونادت لك زوايا البيت .. ولا رديت ..
اخر السطر : يموت من لا يستحق الموت .. ويعيش من لا يستحق الحياة ..


خاتمة : اللهم إرحم الأموات واغفر لهم ذنوبهم .. ووفق الأحياء ويسر لهم أمورهم ..