الجمعة، 1 نوفمبر 2019

السماء لا تمطر ذهباً ..

السماء لا تمطر ذهباً .. إخترت هذا العنوان أتسائل به : هل السماء فعلاً لا تمطر ذهباً .. من جانب واحد السماء لا تمطر ذهباً إلا في الأحلام والحلم شيء غير واقعي ولا يكون في الحقيقة إلا إذا كانت هناك معجزة وزمن المعجزات ولى منذ وفاة آخر نبي .. أما فالجانب الآخر فالسماء فعلاً تمطر ذهباً والدليل على ذلك :وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) ، ( وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها ) ..





إلا أن طلب الرزق لا يكون دون حركة أو سعي وهذا من الأخذ بالأسباب .. وكذلك في إنفراج الأزمات .. في القرآن الكريم هناك شواهد كثيرة يعلمنا الله عز وجل بأن كل تيسير حدث بعد حركة .. ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) ، ( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ) ..





الصعاب مثل الإمتحان لا نجاح به دون دراسة وتعب .. لا يكفي أن أذهب للمدرسة وأخبر نفسي بأني أخذت بالأسباب ..


أو ربما نقول أنها مثل مرض .. نعلم بأن الشفاء من الله وحده أنما نحن نأكل الأدوية كوسيلة للوصول إلى الشفاء ..





إلا أني أتسائل أحياناً كم من الأسباب التي يجب أن نأخذ بها حتى نصل إلى الهدف ..

مثال: أنا أبحث عن وظيفة وقمت بتقديم طلب التوظيف في أغلب الأماكن .. لم يقم أحداً بالإتصال بي .. هنا أنا أخذت بالأسباب ولكن لم أصل إلى نتيجة .. هنا نعود إلى الآيات السابقة إن كنا نؤمن حق الإيمان بها سوف نعلم بأن التأخير خيرة لنا .. الرزق مكتوب ولا تعلم ربما حصلت على وظيفة ولكن بيئة العمل سيئة لأسوء درجة وسوف تقضي حياتك في شقاء وتعب .. وربما الله أخر عليك الوظيفة لتجد ماتستحقه في النهاية ..




النية وحدها لا تكفي للوصول إلى الهدف .. لا يكفي بأن أقول سوف أنتقل من مدينة إلى أخرى وأجلس منتظراً تحملني الريح للإنتقال إلى المكان الآخر .. أما إن ذهبت إلى المطار وركبت الطائرة هنا أكون سعيت وإستخدمت الوسيلة ..




أبسط مثال نراه في المتاجر والدكاكين : يأخذ شخصاً متجر ما وينقل إليه البضائع ويجلس خلف المكتب ينتظر .. ثم ينسكب عليه الزبائن كالمطر .. يدخل إليه الناس رغم أن هناك العديد من المتاجر حوله .. وترى جاره لم يدخل عليه أحد طول اليوم رغم أن بضاعته أكثر جودة من صاحبنا .. إلا أن صاحبنا رزقه مكتوب له ..







هل إستشعرت يوماً ما بأن الرزق ليس بالضرورة عبارة عن مال تحصل عليه .. فالرزق نعم كثيرة منها أشياء لا نلاحظها فقط لأننا تعودنا عليها .. هواء نتنفسه دون حاجة إلى أي جهاز مساعد .. صحة تامة .. عمل يتمنى أي عاطل بأن يحصل عليه .. نوم مريح دون أدوية .. إلخ .. والنعم لا تعد ولا تحصى ..








فالخلاصة: السماء تمطر ذهباً إلا أنها لا تمطر دون الأخذ بالأسباب ..


الجمعة، 29 مارس 2019

كلنا مخطئين بطريقة ما ..

مقدمة:
يقول جورج كارلين: "هل لاحظت أن كل من يقود سيارته أبطأ منك فهو أخرق، وأن كل من يقودها أسرع متهور؟!! "

تلك المقولة تختصر الكثير .. تختصر كيف يرى الإنسان نفسه دائماً على صواب وكل شخصاً آخر مخطئ ..





أؤمن بأن مثلما داخل كل شخص بذرة خير توجد بذرة آخرى ولكنها تمثل الشر وإن لم تكن ظاهرة للآخرين ..


تلك البذرة أو ذاك الوحش الكاسر يخرج في مواقف متعددة .. يظهر في إختلاف الآراء مثلا .. يتشكل بأشكال مختلفة كسخرية من رأي مخالف وإستنقاص منه .. كعنصرية في التعامل مع الأشخاص الأضعف منه .. كرد السيئة بأسوء .. كأن يمارس الشخص تصرفاً سيء مع آخر بعذر أنه تلقى نفس التصرف الخاطئ من ذاك الشخص وكأن السوء وُجِدَ لنقلده ..


رد السيئة بأسوء يكون في مواقف متعددة مثلاً حين تقود مركبتك ويدخل في مسارك شخصاً دون تنبيه فتطلق بوق السيارة بعصبية فيخرج يده من النافذة ملوحاً بغضب رغم أنه هو المخطأ ثم تقفون بجانب بعض أمام الإشارة الحمراء فينزل كل منكم نافذته ويبدأ الحديث الذي قد يتطور وربما يصل حد الشجار .. مع أن من الممكن تجاوز الموقف بطرق مختلفة لا تؤدي إلى أي مشاكل ..
.




خلق الله كل شخص بقدرات متفاوتة .. فمن الناس من يمتاز بالذكاء الحاد ولكنه سيء في التخطيط .. ومنهم البطيء في إستيعاب الأمور ولكنه يمتاز في جوانب آخرى ..


أستوقفني موقف ما قال شخص لآخر لم يفهم حديثاً ما بأنه غبي .. ففكرت الغباء هو فالأصل جهل لذا يعتبر كل الناس أغبياء في هذه الحالة .. فأول مرة تحاول حل مشكلة ما وفشلت أنت تعتبر جاهلاً حتى تصل لطريقة للوصول إلى الحل أو يشرح لك شخصاً آخر الطريقة ..





هل سمعت عن تجربة تلك الفتاة التي وقفت ساعات أمام الجمهور مع أعطائهم كل الحرية لعمل مايشاؤون .. بدأت التجربة بمواقف جميلة كإعطائها الزهور ثم إنتهت التجربة بوحشية كبيرة .. إنتهى الحال بتلك الفتاة ممزقة الثياب تملؤها الجروح ..


هل قرأت عن التجربة التي توقفت قبل إنتهاء نصف وقتها .. حيث تم أعطاء أشخاص سلطة السجان وكان النصف الآخر هم المساجين .. ظهر الوحش الكاسر داخل كل سجان ومارس السلطة بأبشع الطرق حتى إنهار المساجين ..




بالمناسبة الوحش لا يظهر فقط عندما يصبح الشخص في موقف قوة .. مثال: يجلس أحد الأشخاص مكتئباً منطوياً على حاله .. يقترب منه آخر يحاول التخفيف عنه بكلمات أو افعال .. فينتفض المكتئب من مكانه ويتحرك كالإعصار يدمر من أراد المساعدة بكلمات أو غيرها ثم يعود إلى صمته .. هو اشبه بالجندي الجريح الذي يرى شخص قادم لمساعدته فيرمي عليه قنبلة ترديه قتيلاً ..




كم من المواقف التي تظهر بذرة الشر فينا رغم أننا نكاد نقسم بأنها ليست موجودة .. نتعامل أحياناً مع النقاشات بأنها حرب ونكون أسعد الناس حين ننتصر .. نتعامل مع أخطاء الآخرين وكأنها كبائر أما أخطاءنا فهي مجرد أشياء بسيطة لا تستدعي كل هذا الغضب ..




ندعي عدم العنصرية ولكن التصرفات تظهر معدن الإنسان .. والأبسط من ذاك راقب نفسك حين تتعامل مع شخص من نفس جنسيتك وحين تتعامل مع شخصاً لا يملك جزء مما تملك .. حتى حديثنا عن عدم العنصرية ممتلئ بالعنصرية دون أن نشعر ..



يتعامل بعض الناس مع الآخرين على أنهم مجرد فتات لا يستحقون شيئاً فصاحب العمل يتأخر على الموظفين بالراتب الشهري .. لا يبالي بهم ولا بأحوالهم ولا يضع نفسه مكانهم وكأنهم مجرد آلات تعمل لتنجز .. مع أن حتى الآله تحتاج لمصدر كهربائي لتعمل ..



الأغلب لا يتقبلون الأختلاف سواء كان فالتصرفات أو بالأفكار .. فالأهل يغضبون أشد الغضب حين يقرر الأبناء سلك طريق آخر وكأنهم خرجوا عن الصراط المستقيم ..



وحين يكبر الشخص يتحول لذي شخصية ذات أطباع حادة ويتوقع من الجميع أن يتحملوا ذاك الطبع الحاد والعذر هو كبر السن .. مع أن هذا الشيء لا ينطبق على الجميع فكم من شخص مسن لازمته صفة الهدوء حتى رحل بسلام .. وكم من عجوز أصبحت صديقة لأبنائها وبناتها ..




من الملاحظ أن ثقافة الإعتراف بالخطأ شبه معدومة في هذا الزمن .. فالإنسان يبحث لأي سبب يلقي عليه خطأه وكأن الشخص حين يعتذر عن تقصير ما يشعر بأنه يكاد يكفر .. نلقي على الآخرين أخطائنا ونجد أبسط الأعذار للتملص من الفشل وكأننا ملائكة لا نخطأ .. ولا أستثني نفسي من هذا الكلام بل أنا أكثر الناس سوءاً .. فأنا ممتلئ بالأخطاء من رأسي حتى قدماي .. اهزم بذرة الشر مرة وتهزمني مئة ..





بذرت الشر مثلها مثل بذرت الخير .. تنتظر موقفاً لتخرج .. فقط راقب نفسك وستراها إن كنت حقاً تريد أن ترى بدلاً لأن تضع الأعذار والتبريرات لنفسك ..











خاتمة:
حين تناقش شخصاً ما ولا يعجبك رأيه تنفجر كالبركان وتلقي عليه بضع كلمات جارحة وسخرية علنية .. وبعد زمن يتغير تفكيرك ويكون الرأي الذي كنت تستنقص منه سابقا تصبح مؤيداً له .. حينها من يعوض الشخص الآخر تلك الجروح التي سببتها ثورتك وكلماتك ؟ 

الثلاثاء، 19 مارس 2019

مواقف على الطريق ..

مقدمة :
أمتلك صفة غريبة ألا وهي التأمل .. فأنا أتأمل كل شيء بنظرة مختلفة عن أي شخص آخر .. مثلا: يمر شخص على مبنى أنشئ للتو فيشاهده حاله حال كل مبنى آخر .. أما أنا فأنظر إليه ثم أنشغل بالتفكير في ذاك المبنى أتخيل كم من الأشخاص الذين عملو ليكتمل البنيان .. كم شخص ودع أهله وتغرب ليعمل ساعات طويلة منها المتعب ومنها الممتع حتى أصبح المبنى مكتمل .. لذا في السطور القادمة سأسرد المواقف بطريقة عادية وللقارئ حرية الإبحار في الخيال ليصل للمعنى ..








*إزدحام*

تخرج من بيتك صباحاً متوجهاً لمكان ما .. ترى السيارات حولك .. كل شخص متوجه لمكان معين .. ذاك إلى عمله وآخر لموعد في مستشفى .. شخص ذاهب للمطار وغيره عائد إلى منزله بعد يوم شاق .. أمل وخيبات .. طموح وإشتياق .. يالها من حياة مزدحمة ..



*روتين*

ادخل برادة ما أرى العامل شخص آسيوي جالس في مكانه المعتاد خلف الطاولة في الحقيقة هو أشبه بالآله وليس إنسان .. يفتح الدكان بعد شروق الشمس ويغلقه آخر الليل .. يمر عليه أصناف البشر طوال اليوم .. يحسن إليه شخص ويشتمونه عشرة على أشياء تافهه .. لا يوجد في قاموسه شيء أسمه إجازة فهو يعمل كل يوم حتى أيام الأعياد ..



*حزن*

بينما كنت أسير في أحد الليالي في مكان ما أستوقفني منظر شخص آسيوي يبكي بكاء لم يبكيه منذ أن ولد في حياته .. سألت عن حاله قالو إن والدته توفت للتو .. ذهبت إليه أحاول التخفيف عنه دون أن أمتلك كلمات تهون من حالته .. فمن وسط تلك الشهقات رفع رأسه وقال توفت والدتي للتو وأنا لم أراها منذ خمس سنوات .. ضاعت كل كلماتي وغرقت في صمتي ..



وآخر دخلت عليه وجدته غارق وسط الدموع قال توفي عمي .. فقال لي شخص ما أتعلم كم من الأفراد الذين رحلو عن هذا الشخص وهو في غربته ..



*تجاوز*

بينما كنت أقود سيارتي كنت خلف شخص يقود ببطء شديد .. بقيت خلفه لمدة طويلة .. حاولت التجاوز ولكن لم يكن بمقدوري التجاوز بسبب الإزدحام ..  ولكن بمجرد أن وجدت فراغ تجاوزته دون أي تفكير .. وتساءلت كم من المواقف في الحياة مررنا بنفس الموقف بطريقة مختلفة ؟



*مواعيد*

توجهت للمستشفى من اجل موعد ما .. المستشفى مكان ممتلئ بالحكايات والتنقاضات .. شخص يموت نفس وقت ولادة طفل آخر .. عمليات وإنعاش .. آلام وأمل .. شفاء وتدهور في الحالات .. طبيب ينقذ مريضاً ويفقد آخر .. فيلاحقه ذنب الذي مات وينسى فرحة الإنقاذ ..



*دار الرعاية*

مررت بجانب سور دار المسنين .. ذاك المكان الذي الذي يخفي داخله قصص كثيرة .. قصة أب كافح الحياة بأكملها ليربي طفله الوحيد فإنتهى به المطاف داخل ذاك الدار بسبب عقوق شخصاً نسي كل شيء جميل حصل عليه دون عناء .. أم أسبغت حنانها على عائلتها فكان جزائها منبوذة داخل تلك دار بعذر أن وجودك هناك أفضل من المنزل .. اعذار واهية وتبريرات سخيفة يلقي بها الظالم ليزيل عن نفسه شعور الظلم ..


*حادث*

بينما كنت أسير أقود أستوقفني موقف حادث بليغ بين عدد من السيارات .. كان الجمهور يحيط بالمكان .. ففكرت في الحوادث التي نمر بها والفضولين في الحياة .. كم من الأشخاص الذين شاهدو آخرين في موقف ضعف وأكملو نظراتهم دون إكتراث .. كم من الصدمات التي حصلت لنا مثل الخيبات والأشياء الغير متوقعة ..


*الليل*

بعدما غابت الشمس وأصبح الليل حالكا أضاءت أنوار الشوارع ولكن تلك الأنوار نورها لا يكفي إلا لإنارة المكان المحيط بها فقط .. فأصل الدنيا ظلام .. مثلا في الفضاء الخارجي الشمس تنير جزء من الكون أما بقية الكون ظلام دامس تخلله نجوم إضاءتها بسيطة وحتى تلك النجوم في الأصل ميتة منذ آلاف السنين ولكن يبقى نورها خافتاً .. ثم مع الوقت ينطفئ ذاك النور ..



*الأماكن العامة*

تذهب إلى أي مكان فتجد الناس على الأغلب متجمعين بالأسم فكل شخص ممسك بهاتفه  .. فالهواتف تقرب البعيد وتبعد القريب .. أما الجزء الآخر من الناس لهم حكايات مختلفة .. منهم زوجين جدد تفوح منهم رائحة الغرام والطاولة الآخرى أجتماع عمل جاد يدور به التخطيط والمناقشات .. وطاولة آخرى تدور بها نقاش عن مباريات الأمس .. وطاولة يتحلق حولها أصدقاء مجتمعين بعد غياب طويل يسترجعون ذكريات قديمة .. وطاولة آخرى مرتفع بها صوت الصراخ لمحاولة حل خلافات تافهة .. وطاولة أخيرة يجلس بها شخص وحيد منعزل عن الآخرين ..


*على شاطئ البحر*

أكره البحار رغم أنها تخفي داخلها وحولها الكثير .. البحر ملتقى العشاق وخيبة اللحظات وسعادة اللقاءات وإستعادة الذكريات ..


*سبحان مبدل الأحوال*

حين ترى تعاقب الليل والنهار تعلم أن الأشياء تتغير .. حين ترى تعاقب الفصول تمتلك اليقين الذي يخبرك بأن لا شيء يبقى حاله فمن حر شديد إلى برد يؤلم العظام .. اؤمن بأن الوقت يغير الكثير يغير الأشخاص ويغير الطموح ويغير الفرح و الحزن .. يغير كل شيء فلا يعود الشخص كما كان ..












أول السطر : كان يا مكان .. لم يعد شيء كما كان ..

آخر السطر : بعد أن أبصر الضرير كسر عصاه الذي كان يتكئ عليها سنين وسنين ..