الجمعة، 27 أغسطس 2021

محكمة ..

 في قاعة تسود أجوائها الغضب ..
تنظر لي العيون وكأنها لهب .. 
صرخ الحاجب وقال قيام .. 
لم يقف أحدًا غيري .. هل هم نيام؟ .. 


قلب القاضي أوراقه وقال تهمتك هي الهروب .. 
دافع عن نفسك هذا ٱخر أمل لك قبل الغروب .. 
قلت ياسيدي هذا حال من إنقطعت به الدروب .. 


يا حضرة القاضي ماذا تعلم عن الألم؟ .. 
هل مررت بطريقًا يومًا تتذكر ذاك الحلم ..
تراقب وتدون ولا ينزف سوى القلم .. 

هل مرت بك أيام كلها حزن وبكاء؟ .. 
الأمر واضح لا يحتاج إلى ذكاء .. 
أنا أمشي في طريق وعر لم أجد له حذاء .. 


لم أجد فائدة تذكر من الصبر .. 
فأصبحت مثلاً يراه الناس ويأخذون منه العبر .. 
باقي أنتظر متى يحين موعد القبر .. 

أستسلم .. نال مني التعب .. 
الوقت قاتل .. الوضع صعب .. 
مستقبل مخيف وحاضرُ رعب .. 


صاح من وسط الحضور صوتًا يقول جبان .. 
قلت ربما .. لست قوي كالبنيان .. 
صحيح أني موجود ولكني عالق في ذكرى النسيان ..
أخطأت أعترف .. أنا ندمان .. 
 
صرخ ٱخر هدوء دعوه يتكلم .. 
فقلت لا يضر إن كنت أتلعثم .. 
فأجاب لا تهتم .. هكذا تتعلم .. 


قلت ياسيدي أسعى للوصول إلى الكمال .. 
رغم أن ليس بي من الجمال .. 
أقف أمام المرايا .. محال .. 

تراقبني العيون .. أهرب .. 
كأنها سياط تضرب .. 
ارتعش .. حقًا أنا مضطرب .. 
أنوح من الوجع .. يحسبون بأني راقص أو مطرب .. 


هتف القاضي عذرك غير مقبول .. 
مظلوم أنت .. هكذا تقول .. 
متى ستنضج وتكون شخصًا مسؤول .. 


حكمنا عليك بالإعدام .. 
لا تستطيع الخروج إلا بعد حلول الظلام .. 
ستبقى عالقًا في هذا الوضع كل الأيام .. 


فصرخت كنت أسعى فقط للأمان .. 
لم أطلب الكثير .. فقط عفواً وغفران .. 
لكن لا بأس .. لو سأل شخصاً من هذا الإنسان ..
 

أجيبوه: ملك دار عليه الزمان ..  

الجمعة، 4 ديسمبر 2020

في يوم الجمعة ..

 صرخ الخطيب بالمصلين وكأن بنا صمم .. 

فخرجت وقد طحنتني الأجساد وأورمت القَدم .. 

وأنت بينهم لا تشعر إلا بالندم .. 

لا جديد ولا شيء يذكر هذا حالنا منذ القِدم .. 




وأنا امشي تائهاً اسمع احاديث وأسمع دق الجرس .. 

الكل مستعجل هذا يطير بمركبة وآخر يعدو على فرس ..

اطفالاً يلعبون وآخر يحدث الباقين نجح بعد أن درس .. 



مررت بشخص يضحك وآخر يشكو من الأمل ..

وشخص مغرور وعاطل يبحث عن عمل .. 

وبائع ينادي عرض خطير الجمل بما حمل .. 



تركتهم ومضيت في طريقي حتى قابلني البحر .. 


ياله من متقلب .. جزر يتبعه مد .. 

أجرُ خطواتي بعيداً عنه .. حقاً ذبل الورد .. 

يالزمان .. كم كنت أحلم وقد كنت .. وقد .. 



لم تكن لدي خطة لذا أخذت بالدوران .. 

العين تغلي والدموع بدأت بالفوران .. 

لمحت شخصا من بعيد فصحت باتمان .. 



حينما وصلت دققت النظر كان يبدو ماكر .. 

نظر إلي بغرابة وبدأ حديثاً ساخر .. 

قال: هل تتعاطى شيئاً فاخر .. 

أجبت: ظننتك شخصاً اخر ..


فعدت ادراجي تعثرت وسقطت .. 

حاولت النهوض .. دوار كأني مئة سنة كبرت .. 

يحدثني فأرى ضباباً .. هل هو واقع أم جننت .. 



امسكت رأسي شي حار ينزل .. صرخت دم .. 

قال: بسيطة لا تخاف .. تصوره مجرد جرعة قليلة من السم ..

ياله من مجنون .. يا هذا إتصل على الوالد او العم .. 

فقال لن أفعل قبل أن تعطيني مامعك فقلت: كم ..




يالك من شخص حقير .. بل أنك ضرير .. 

ألا ترى جرحي الغزير .. 

فقال: إحفظ لسانك أنا خطير .. 

فقلت المعذرة لكن لا اقوى على الزفير .. 




وضع يده على رأسي وأخذ يتمتم بكلمات وأنا اردد آه وآه .. 

فجأة ارعبتني صرخة .. فتحت عيني إذا بالخطيب ينادي .. قومو إلى الصلاه .. 


الجمعة، 13 نوفمبر 2020

هذيان .. بعد جراحة أسنان ..

 كان يا مكان .. 

في هذا الزمان .. 

وصلت مع نداء الأذان 

عبرت الباب .. أمي أمامي ويتبعني أخوان ..


غرس الطبيب حقنة التخدير في ذراعي وبدأت أشعر بأني نعسان .. 

قال هيا لا تكن جبان ..

ثم أمسك المشرط واخذ يمرره وكأنه يدندن على كمان .. يعزف أحلى الألحان .. 


أكمل عمله بعد مضي ساعة أو ساعتان .. 

إستيقظت بعد غفوتي وأنا أشعر بالدوران ..

بين يقظة وحلم تارة أشعر بالخوف وتارة بالأمان .. 

أناديه بعثمان مرة ومرات بسلمان .. 

يعطيني حساء ولكنني أشتهي رمان ..

 سألته: مرضاك من أين فأجاب بسخرية: ألمان ..

فقلت: ألا تعلم بأن لدي قدمان .. 

وأحياناً يشار إلي بالبنان .. 

فقط في بعض الأحيان .. 

مع أني كالسرطان .. 

إلا أن عيبي النسيان .. 

وهذا طبع الإنسان .. 

تجاهلني وأخذ يردد سكران .. 



بينما كانت العينان مغمضتان .. 

لا أعلم حقيقة هي أو حالة سرحان ..

ناديت الممرضة: يا رزان .. 

كسرني الحرمان .. 

أريد بعض الحنان .. 

فضحكت وقالت: أسمي روان .. 

قلت: لا أريد أن أرى الخذلان .. 

أشعر بالبرد .. اسعفيني بالأحضان ..

ألا تعلمين بأنكِ وردة وسط البستان .. 

وعيناكِ أشبه باللؤلؤ أو المرجان .. 

وإني كلما اراكِ أرى الجنان .. 

وحدكِ في كل البلدان .. 

فأجابت: لكَ كل الإمتنان .. 




أضواء ساطعة تعم المكان .. 

تحول لون الحائط إلى ألوان ..

أشم رائحة الريحان ..  

أغمضت عيني وقلت يا سوبرمان .. أوصلني إلى عمان .. 

سمعت صوتاً غاضب يقول: أفتح عينيك ترى العمران .. 

فقلت: لا اعلم أشعر بالتوهان .. 

لا أريد أن افتحهما .. أنا كسلان .. 

بعنف هزني فشعرت أني نخلة او سنديان ..

دون شعور رددتها له بالقبضتان .. 

قال: أجننت أتريد أن يراك السكان ..

قلت: آسف كنت وكنت وكان .. 


هل حسابك فقط درهمان ..

فقال: ماعملته لك لم يكن سوى إحسان .. 

ففرحت وقلت: إذاً سوف تراني في كل مكان .. 

قال: فات الأوان ..

أغرب عن وجهي ولا تعد إلا قبل إستئذان ..



فخرجت أقول لنفسي: جئت ولم اكن أشكو سوى من أمران .. 

وخرجت والألم في عروقي كالبركان ..

جعلني أتلوى كأنني ثعبان .. 

 




لا اعلم هو جراح أم شيطان .. 

الجمعة، 30 أكتوبر 2020

رعب ..

 بعد أن تجاوزت لوحة العبور .. 

دخلت بيت مهجور .. 

يقال بأن تحدث فيه أمور .. 

أصوات نمور .. خيال طفل يمشي ودم يخرج من الصنبور .. 

فجأة ظهر أمامي وجه ممتلئ بالشرور .. 

فعدت أدراجي محاولاً الوصول إلى الجسور .. 




قال: سأخبرك حكايتي توقف وإلا سأثور .. 

أسمعني .. كنت مثلك ذو شخصية مرحة وغرور .. 

فقلت: أنا لست هكذا .. أنا صبور .. 

قال: لا تقاطعني وإلا سيسمع صراخك الجميع حتى سكان القصور .. 

قلت: أكمل أنا آسف ومعذور .. 

قال: قال كنت أخفي وجهي خلف قناع مسرور .. 

احبني الناس فأنا سيد الحضور .. 

كأني خطيب أو حاكم أو مجرد رجل مشهور ..

محاط بحشد كبير من الجمهور .. 

وفي يوم ذاب القناع فظهر وجهي الحقيقي بشع مكسور .. 

فهجرني الجميع فشعرت بنار داخلي كأني في تنور .. 

أنتظر وحدي ربما يريد أحد ما المرور .. 

فمضت ساعات وسنوات ودهور .. 

لم أرى أحداً حتى نملة أو دبور ..

أفكر وحدي في تلك الثواني والعصور .. 

هل كنت مظلوم أو ربما كلباً مسعور .. 



فقلت: الماء وإن شح إلا أنه حاجة الجذور .. 

والنار وإن خبت فهي مطلب كل القدور .. 

أخرج إلى الشارع ربما تجد أحداً ينتظرك عند إشارة المرور .. 

يقطع الشارع ذهاباً وعودة .. يتوقف ويدور ..

لن يبقى واقفاً طوال العمر .. فقط ربما بضع شهور .. 

قم معي الدنيا ممتلئة بالملائكة والحور ..




قال: لا اعلم هل فات الأوان .. أنا مقهور ..

أخاف من الوعود وأخشى الفشل .. فاسدة كانت تلك البذور .. 

أتجنب أسوء ماقد يحدث .. لذلك أنا عالق في هذه الجحور .. 


  

قلت: الفرصة تستحق المجازفة ..فكر فيما قلته لك .. أنتظرك عند السور .. 

إن خرجت فسوف ترى على وجهي كل السرور .. 

ألم تشتاق وتحن .. تشتهي فقط أن تزور .. 

هيا بنا نكمل كتابنا ونخط السطور .. 

حياة قصيرة .. نهايتها قبور .. 




وقفت انتظر أغمضت عيناي وأخذت نفساً عميقاً وفتحتهما فإذا بي واقف أمام مرآه محاطاً بالرمال والصخور .. 

الخميس، 9 يناير 2020

عاطل ..

في يوم حار لهيبه أشبه بالنار ..
قصدت مكاناً ابحث عن وظيفة تستر العار ..
قابلني شخصاً صرخ بعصبية أجلس في قاعة الإنتظار ..
بعد ساعات دخلت على شخص بيده قلم وأمامه أحبار ..
قلت: ياسيدي مللت من الفرار ..
أرغب بأن أكون صاحب قرار ..
فقال: ماشأنك .. أأنت من الأخيار ..
فقلت: مايفعل من مثلي ضاع عمره بين ضباب وغبار ..
فقال: عملنا ممتلئ بالأسرار ..
لذلك لا تستحق المنصب بإقتدار ..
فقلت: كيف أغير الأقدار .. فأنا ناتج رقم مضروب بأصفار ..
فقال: أتفعل هذا كل نهار .. تخرج فقط لتتوسل الكبار ..

فتحول وجهي للإحمرار ..
وتسلل اليأس إلى نفسي كالأنهار . 
وقلت: هذا طبعي وطبع الصغار ..
نتمنى أن نعيش ولو يوماً واحداً دون إنكسار ..

فأخذ الكأس من أمامه ورشف وكأنه يشرب من بحار ..
وقال: ليس عندي لك شيء .. إذهب إلى الجار ..
فقلت: أهو من الأشرار ..
فقال: لا ولكن إنتبه .. هو مكار ..

فخرجت أطلب العون من العزيز الجبار ..
ضللت طريقي وأخذت ابحث في الجوار ..
أسأل هذا وذاك .. شخص يجيب وآخر مشغول مع الأذكار ..
وصلت إلى وجهتي .. عمارة من تسعة أدوار ..
وصلت أخيراً بعد تعب .. متطلعاً إلى أخبار ..

عرفته من مكتبه .. أشخاص يدخلون وآخرون يخرجون وشخص مار ..
أعطاني ظهره أمال كرسيه ثم دار ..
سأل: أنت من تلك الدار ..
فقلت: لا أنا إنسان طيب وبسيط وأحياناً غدار ..
فقال: يا هذا يبدو بأنك سوف تصبح تذكار ..
وإقترب مني كالإعصار ..
ودفعني حتى إرتطمت بالجدار .. 
قال وعيناه يتطاير منهما الشرار ..
ألا تفهم كلامي .. أسرع قبل أن تصبح دمار ..
أترى ذاك الباب .. أدر مقبضه من الخارج بكل سكينة ووقار ..
وإلا قذفتك من النافذة فإما أن تسقط أو تكون صقراً طيار ..
فخرجت من المبنى أعدو وكأنني سجين فار ..



أتسائل مع نفسي: لماذا غضب الحمار؟

الجمعة، 1 نوفمبر 2019

السماء لا تمطر ذهباً ..

السماء لا تمطر ذهباً .. إخترت هذا العنوان أتسائل به : هل السماء فعلاً لا تمطر ذهباً .. من جانب واحد السماء لا تمطر ذهباً إلا في الأحلام والحلم شيء غير واقعي ولا يكون في الحقيقة إلا إذا كانت هناك معجزة وزمن المعجزات ولى منذ وفاة آخر نبي .. أما فالجانب الآخر فالسماء فعلاً تمطر ذهباً والدليل على ذلك :وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) ، ( وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها ) ..





إلا أن طلب الرزق لا يكون دون حركة أو سعي وهذا من الأخذ بالأسباب .. وكذلك في إنفراج الأزمات .. في القرآن الكريم هناك شواهد كثيرة يعلمنا الله عز وجل بأن كل تيسير حدث بعد حركة .. ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) ، ( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ) ..





الصعاب مثل الإمتحان لا نجاح به دون دراسة وتعب .. لا يكفي أن أذهب للمدرسة وأخبر نفسي بأني أخذت بالأسباب ..


أو ربما نقول أنها مثل مرض .. نعلم بأن الشفاء من الله وحده أنما نحن نأكل الأدوية كوسيلة للوصول إلى الشفاء ..





إلا أني أتسائل أحياناً كم من الأسباب التي يجب أن نأخذ بها حتى نصل إلى الهدف ..

مثال: أنا أبحث عن وظيفة وقمت بتقديم طلب التوظيف في أغلب الأماكن .. لم يقم أحداً بالإتصال بي .. هنا أنا أخذت بالأسباب ولكن لم أصل إلى نتيجة .. هنا نعود إلى الآيات السابقة إن كنا نؤمن حق الإيمان بها سوف نعلم بأن التأخير خيرة لنا .. الرزق مكتوب ولا تعلم ربما حصلت على وظيفة ولكن بيئة العمل سيئة لأسوء درجة وسوف تقضي حياتك في شقاء وتعب .. وربما الله أخر عليك الوظيفة لتجد ماتستحقه في النهاية ..




النية وحدها لا تكفي للوصول إلى الهدف .. لا يكفي بأن أقول سوف أنتقل من مدينة إلى أخرى وأجلس منتظراً تحملني الريح للإنتقال إلى المكان الآخر .. أما إن ذهبت إلى المطار وركبت الطائرة هنا أكون سعيت وإستخدمت الوسيلة ..




أبسط مثال نراه في المتاجر والدكاكين : يأخذ شخصاً متجر ما وينقل إليه البضائع ويجلس خلف المكتب ينتظر .. ثم ينسكب عليه الزبائن كالمطر .. يدخل إليه الناس رغم أن هناك العديد من المتاجر حوله .. وترى جاره لم يدخل عليه أحد طول اليوم رغم أن بضاعته أكثر جودة من صاحبنا .. إلا أن صاحبنا رزقه مكتوب له ..







هل إستشعرت يوماً ما بأن الرزق ليس بالضرورة عبارة عن مال تحصل عليه .. فالرزق نعم كثيرة منها أشياء لا نلاحظها فقط لأننا تعودنا عليها .. هواء نتنفسه دون حاجة إلى أي جهاز مساعد .. صحة تامة .. عمل يتمنى أي عاطل بأن يحصل عليه .. نوم مريح دون أدوية .. إلخ .. والنعم لا تعد ولا تحصى ..








فالخلاصة: السماء تمطر ذهباً إلا أنها لا تمطر دون الأخذ بالأسباب ..


الجمعة، 29 مارس 2019

كلنا مخطئين بطريقة ما ..

مقدمة:
يقول جورج كارلين: "هل لاحظت أن كل من يقود سيارته أبطأ منك فهو أخرق، وأن كل من يقودها أسرع متهور؟!! "

تلك المقولة تختصر الكثير .. تختصر كيف يرى الإنسان نفسه دائماً على صواب وكل شخصاً آخر مخطئ ..





أؤمن بأن مثلما داخل كل شخص بذرة خير توجد بذرة آخرى ولكنها تمثل الشر وإن لم تكن ظاهرة للآخرين ..


تلك البذرة أو ذاك الوحش الكاسر يخرج في مواقف متعددة .. يظهر في إختلاف الآراء مثلا .. يتشكل بأشكال مختلفة كسخرية من رأي مخالف وإستنقاص منه .. كعنصرية في التعامل مع الأشخاص الأضعف منه .. كرد السيئة بأسوء .. كأن يمارس الشخص تصرفاً سيء مع آخر بعذر أنه تلقى نفس التصرف الخاطئ من ذاك الشخص وكأن السوء وُجِدَ لنقلده ..


رد السيئة بأسوء يكون في مواقف متعددة مثلاً حين تقود مركبتك ويدخل في مسارك شخصاً دون تنبيه فتطلق بوق السيارة بعصبية فيخرج يده من النافذة ملوحاً بغضب رغم أنه هو المخطأ ثم تقفون بجانب بعض أمام الإشارة الحمراء فينزل كل منكم نافذته ويبدأ الحديث الذي قد يتطور وربما يصل حد الشجار .. مع أن من الممكن تجاوز الموقف بطرق مختلفة لا تؤدي إلى أي مشاكل ..
.




خلق الله كل شخص بقدرات متفاوتة .. فمن الناس من يمتاز بالذكاء الحاد ولكنه سيء في التخطيط .. ومنهم البطيء في إستيعاب الأمور ولكنه يمتاز في جوانب آخرى ..


أستوقفني موقف ما قال شخص لآخر لم يفهم حديثاً ما بأنه غبي .. ففكرت الغباء هو فالأصل جهل لذا يعتبر كل الناس أغبياء في هذه الحالة .. فأول مرة تحاول حل مشكلة ما وفشلت أنت تعتبر جاهلاً حتى تصل لطريقة للوصول إلى الحل أو يشرح لك شخصاً آخر الطريقة ..





هل سمعت عن تجربة تلك الفتاة التي وقفت ساعات أمام الجمهور مع أعطائهم كل الحرية لعمل مايشاؤون .. بدأت التجربة بمواقف جميلة كإعطائها الزهور ثم إنتهت التجربة بوحشية كبيرة .. إنتهى الحال بتلك الفتاة ممزقة الثياب تملؤها الجروح ..


هل قرأت عن التجربة التي توقفت قبل إنتهاء نصف وقتها .. حيث تم أعطاء أشخاص سلطة السجان وكان النصف الآخر هم المساجين .. ظهر الوحش الكاسر داخل كل سجان ومارس السلطة بأبشع الطرق حتى إنهار المساجين ..




بالمناسبة الوحش لا يظهر فقط عندما يصبح الشخص في موقف قوة .. مثال: يجلس أحد الأشخاص مكتئباً منطوياً على حاله .. يقترب منه آخر يحاول التخفيف عنه بكلمات أو افعال .. فينتفض المكتئب من مكانه ويتحرك كالإعصار يدمر من أراد المساعدة بكلمات أو غيرها ثم يعود إلى صمته .. هو اشبه بالجندي الجريح الذي يرى شخص قادم لمساعدته فيرمي عليه قنبلة ترديه قتيلاً ..




كم من المواقف التي تظهر بذرة الشر فينا رغم أننا نكاد نقسم بأنها ليست موجودة .. نتعامل أحياناً مع النقاشات بأنها حرب ونكون أسعد الناس حين ننتصر .. نتعامل مع أخطاء الآخرين وكأنها كبائر أما أخطاءنا فهي مجرد أشياء بسيطة لا تستدعي كل هذا الغضب ..




ندعي عدم العنصرية ولكن التصرفات تظهر معدن الإنسان .. والأبسط من ذاك راقب نفسك حين تتعامل مع شخص من نفس جنسيتك وحين تتعامل مع شخصاً لا يملك جزء مما تملك .. حتى حديثنا عن عدم العنصرية ممتلئ بالعنصرية دون أن نشعر ..



يتعامل بعض الناس مع الآخرين على أنهم مجرد فتات لا يستحقون شيئاً فصاحب العمل يتأخر على الموظفين بالراتب الشهري .. لا يبالي بهم ولا بأحوالهم ولا يضع نفسه مكانهم وكأنهم مجرد آلات تعمل لتنجز .. مع أن حتى الآله تحتاج لمصدر كهربائي لتعمل ..



الأغلب لا يتقبلون الأختلاف سواء كان فالتصرفات أو بالأفكار .. فالأهل يغضبون أشد الغضب حين يقرر الأبناء سلك طريق آخر وكأنهم خرجوا عن الصراط المستقيم ..



وحين يكبر الشخص يتحول لذي شخصية ذات أطباع حادة ويتوقع من الجميع أن يتحملوا ذاك الطبع الحاد والعذر هو كبر السن .. مع أن هذا الشيء لا ينطبق على الجميع فكم من شخص مسن لازمته صفة الهدوء حتى رحل بسلام .. وكم من عجوز أصبحت صديقة لأبنائها وبناتها ..




من الملاحظ أن ثقافة الإعتراف بالخطأ شبه معدومة في هذا الزمن .. فالإنسان يبحث لأي سبب يلقي عليه خطأه وكأن الشخص حين يعتذر عن تقصير ما يشعر بأنه يكاد يكفر .. نلقي على الآخرين أخطائنا ونجد أبسط الأعذار للتملص من الفشل وكأننا ملائكة لا نخطأ .. ولا أستثني نفسي من هذا الكلام بل أنا أكثر الناس سوءاً .. فأنا ممتلئ بالأخطاء من رأسي حتى قدماي .. اهزم بذرة الشر مرة وتهزمني مئة ..





بذرت الشر مثلها مثل بذرت الخير .. تنتظر موقفاً لتخرج .. فقط راقب نفسك وستراها إن كنت حقاً تريد أن ترى بدلاً لأن تضع الأعذار والتبريرات لنفسك ..











خاتمة:
حين تناقش شخصاً ما ولا يعجبك رأيه تنفجر كالبركان وتلقي عليه بضع كلمات جارحة وسخرية علنية .. وبعد زمن يتغير تفكيرك ويكون الرأي الذي كنت تستنقص منه سابقا تصبح مؤيداً له .. حينها من يعوض الشخص الآخر تلك الجروح التي سببتها ثورتك وكلماتك ؟